


حكومة نواف سلام… ٣ تحديات بانتظارها
فبراير 12, 2025
A-
A+
سقط حزب الله، لكن لم يسقط نبيه بري، وتشكّلت حكومة نواف سلام بـ 24 وزيرًا، من بينهم 5 وزيرات، لتكون بذلك أول حكومة في عهد الرئيس جوزيف عون.
فاجأ نواف سلام الجميع بإعلانه عن حكومته من قصر بعبدا بعد ثلاثة أسابيع من تكليفه. رغم الصعوبات الكبيرة التي واجهت تشكيلها، كان واضحًا أنها ستبصر النور عاجلًا أم آجلًا نتيجة الضغوط الدولية، سواء من العالم العربي بدعم سعودي، أو من الغرب بدعم فرنسي وأميركي.
تواجه حكومة نواف سلام تحديات جمّة، وسنرى مدى قدرتها على تجاوزها. تبدأ هذه التحديات من الوضع الجيوسياسي للبنان، مع الاشتباكات المستمرة على الحدود الشرقية والشمالية، وتأجيل جديد للانسحاب الإسرائيلي من الجنوب بعد 18 فبراير/ شباط. كما تشمل التحديات مدى قدرة الحكومة على تنفيذ القرار 1701 الذي يطالب به الجميع، ونزع سلاح حزب الله.
وفي هذا الخصوص، كان قد أعلن نواف سلام في لقائه الأول بعد تشكيل حكومته، وخلال مقابلة عبر تلفزيون لبنان، “الأمر واضح على امتداد مساحة لبنان من النهر الكبير إلى الناقورة وحسب وثيقة الوفاق الوطنيّ يجب بسط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها”.
داخليًا، الاستحقاقات كبيرة، وتتراوح بين الانتخابات البلدية والنيابية العام المقبل، واستكمال التحقيقات في تفجير المرفأ، وإصلاح القضاء، ودعم الجيش، وفي الوقت نفسه إعادة أموال المودعين.
الجميع يعوّل على هذه الحكومة في إصلاح الوضع العام في لبنان، الذي بلغ أسوأ مراحله، متجاوزًا حتى أوضاع الحرب الأهلية اللبنانية. والسؤال الأبرز: هل يستطيع نواف سلام إصلاح لبنان؟
المعادلة السياسية تغيّرت، وهيمنة إيران على لبنان تراجعت مع إضعاف حزب الله وقطع طريق طهران – بيروت، لكن التحدي الأكبر يبقى داخليًا، وهو مواجهة منظومة المافيا (الدولة العميقة) التي ترسّخت عبر العقود الماضية، مستندة إلى سلاح الميليشيا، مما أدى إلى كوارث في البلاد. قدرة نواف سلام على تحدي هذه المنظومة ستكشف مدى جديته في إصلاح لبنان.
المافيا في لبنان تمتد من المصارف، مرورًا بشركات الأدوية، وتجار الغذاء، والبلطجية، والمحتالين في الإدارات العامة. فهل سيتمكّن سلام من التصدي لهم، وقف شبكات الفساد التي استفادت لعقود، ومحاسبتهم على جرائمهم الاقتصادية؟
أول تحدٍ للحكومة الجديدة هو البيان الوزاري الذي طالما كرّس المعادلة الثلاثية الشهيرة: “جيش، شعب، ومقاومة”. فهل يمكن أن تشهد هذه المرحلة تغييرًا نحو “جيش، شعب، ودولة”؟ استغرق تعديل هذه المعادلة أكثر من 20 سنة، وإذا تحقق الآن، فقد يكون بداية عهد جديد في تاريخ لبنان الحديث، حيث يطمح اللبنانيون إلى دولة عادلة، صامدة، قوية، وقادرة اقتصاديًا على تأمين مستقبل أبنائها، ومتطورة تجذب دول الجوار والدول الغربية.
التحدي الثاني يتمثل في استكمال تحقيق مرفأ بيروت، والذي قامت حكومة ميقاتي فعليًا بتجميده خلال ولايتها. لذا، يجب أن يحصل القاضي طارق بيطار على مساحة أكبر من الحرية وحماية حكومية تتيح له استكمال التحقيق في هذا الملف الحساس.
أما التحدي الثالث، وهو الأهم، فيتعلق بنزع سلاح حزب الله في الداخل. فكيف يمكن للحكومة الوصول إلى توافق مع الحزب بشأن تسليم سلاحه من دون أن يؤدي ذلك إلى أي صدام داخلي؟