


عودة السكان إلى الشمال وإلا توسيع المواجهة: هل اقتربت الحرب على لبنان؟
سبتمبر 18, 2024
A-
A+
تصاعدت التوترات على الحدود بين حزب الله وإسرائيل إلى نقطة جديدة من النزاع مع استمرار تبادل القصف عبر الحدود. احتمال غزو إسرائيلي لجنوب لبنان أصبح محورًا أساسياً في المناقشات العسكرية والسياسية الأخيرة. وبينما تستمر النقاشات الداخلية في إسرائيل، تشير عدة عوامل إلى تزايد احتمالية التفكير في اتخاذ إجراء عسكري وتوسيع الهجوم على لبنان.
النقاشات الداخلية في إسرائيل: الحلول الدبلوماسية مقابل العسكرية
يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تغيير موازين القوى على الجبهة الشمالية ضروري لمواجهة حزب الله والسماح لنحو 100 ألف من سكان المنطقة بالعودة إليها. ومع ذلك، هناك نقاش داخل الحكومة الإسرائيلية حول التصعيد المحتمل في الشمال، لا سيما فيما يتعلق بالخطط التشغيلية التي قد تشمل غزو جنوب لبنان. بينما يتمسك وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بإمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي مع حزب الله بدلاً من الحل العسكري. موقف غالانت يستند إلى التجارب التاريخية لإسرائيل في التدخلات العسكرية في لبنان، خاصة في التسعينيات وبداية العقد الأول من الألفية، والتي انتهت بالفشل في تحقيق أهدافها. يخشى غالانت أن يؤدي غزو آخر إلى حرب طويلة الأمد، مع خسائر فادحة ومكاسب استراتيجية محدودة.
هجوم البيجرز
قُتل ما لا يقل عن ١٠ أشخاص وأصيب أكثر من 3000 آخرون في هجوم سيبراني إسرائيلي استهدف البنية التحتية للاتصالات التابعة لحزب الله. أدى الهجوم السيبراني إلى تفجير أجهزة بيجر جديدة حصل عليها حزب الله لمواجهة المراقبة الإسرائيلية التي تسببت في مقتل كبار القادة. ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن أجهزة البيجر المتأثرة جاءت من شحنة جديدة استلمها الحزب في الأيام الأخيرة. وصرح مسؤول في حزب الله أن مئات المقاتلين يمتلكون مثل هذه الأجهزة، مرجحًا أن يكون هناك برنامج خبيث قد تسبب في ارتفاع درجة حرارة الأجهزة وانفجارها. وأضاف المسؤول أن بعض الأشخاص شعروا بسخونة الأجهزة وتخلصوا منها قبل أن تنفجر.
الديناميات الجيوسياسية والأهداف الاستراتيجية
تتركز مخاوف إسرائيل الأمنية في جنوب لبنان حول القدرات العسكرية لحزب الله، التي تفوق قدرات حركة حماس بكثير. يمتلك حزب الله ترسانة ضخمة من الصواريخ، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة، والطائرات بدون طيار المتقدمة، وشبكة من الأنفاق والمستودعات العسكرية. تستهدف الأهداف الاستراتيجية لرئيس الوزراء نتنياهو تحييد التهديد المباشر الذي يمثله حزب الله على المدنيين والبنية التحتية الحيوية في إسرائيل. وتعتبر حكومته تفكيك أو إضعاف الحضور العسكري لحزب الله في جنوب لبنان أمرًا حاسمًا لاستعادة الاستقرار والحد من نفوذ إيران في المنطقة. مع ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار، أن المنطقة تقترب من دخول فصل الشتاء. فإذا مرت أكثر من أربعة إلى ستة أسابيع من دون حدوث غزو، فقد يصبح تنفيذ مثل هذه العملية مستحيلاً أو على الأقل أكثر صعوبة حتى ربيع عام 2025.

نقطة حاسمة يجب أخذها في الاعتبار
أحد العوامل المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار هو الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، والتي تشكل نقطة توتر رئيسية في العلاقة بين نتنياهو والإدارة الأميركية الحالية. تعاني إدارة بايدن من صعوبة في تحديد موقفها من الصراعات مع حزب الله وحماس، ويرجع ذلك إلى رفض نتنياهو المتكرر للانخراط في اتفاقات لوقف إطلاق النار مع أي من الطرفين. هذه العلاقة المتوترة ساهمت في ارتكاب إسرائيل لأخطاء كبيرة في غزة وزادت من خطر اندلاع صراع إقليمي أوسع. قد يستغل نتنياهو الوضع الحالي للضغط على الإدارة الحالية، مما قد يعزز فرص الرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات المقبلة.
بالنظر إلى الديناميات الإقليمية الحالية والهجوم السيبراني الإسرائيلي الأخير – والذي يُعدّ بلا شك واحدًا من أكبر الاختراقات لأمن حزب الله – قد يكون الجيش الإسرائيلي يستعد لتنفيذ هجوم واسع وطويل الأمد في جنوب لبنان. إذ مع انقطاع حزب الله المتزايد عن الوضع على الأرض وإصابة عدد كبير من مقاتليه، قد ترى إسرائيل في هذا الوضع فرصة مثالية لإنشاء منطقة عازلة ودفع الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني.
من الناحية الاستراتيجية، يحقق هذا الهجوم السيبراني العديد من الأهداف لإسرائيل. أولاً، يعطل شبكة اتصالات حزب الله في وقت حرج، مما يؤدي على الأرجح إلى إرباك عملياتي داخل الحزب. هذا الاضطراب يمكن أن يؤخر أو يحد من قدرة حزب الله على تنسيق الردود على التحركات الإسرائيلية، مما يمنح إسرائيل ميزة تكتيكية على الأرض. ثانيًا، من خلال استهداف أجهزة الاتصالات مثل أجهزة البيجر، ترسل إسرائيل رسالة قوية حول قدرتها على استغلال نقاط ضعف حزب الله، مما يثير تساؤلات حول أمن البنية التحتية التكنولوجية للحزب بشكل عام.