العودة إلى الجنوب: دروس لا بد من التعلم منها

فبراير 4, 2025

A-

A+

في لحظة انقضاء مهلة الستين يومًا على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وكأن نداء الأرض كان أقوى من كل صوت آخر، هرع اللبنانيون الجنوبيون إلى أراضيهم التي اشتاقوا إليها. لم ينتظروا ضمانات ولا خطط أمان، بل عادوا محملين بحب الوطن وحنين لا يوصف، رغم أن الواقع كان قاسيًا وغير مهيأ لاستقبالهم. عادوا حاملين أطفالهم بين أيديهم وكبار السن بقلوبهم المتعبة، غير مبالين بخطر الألغام التي لا تزال تختبئ في الأرض، ولا بسموم الصواريخ التي علقت في الهواء، ولا بالمباني المدمرة التي قد تنهار في أي لحظة.

ولكن أين الحكمة في هذا الاندفاع العاطفي؟ هل كان هذا الاندفاع نابعًا من رغبتهم الملحة في العودة إلى ديارهم، والتعبير عن إيمان عميق بقوة الروح البشرية وقدرتها على التغلب على أي تحدٍّ مهما كانت الظروف؟ لدرجة أن يبقى البيت المهدّم ملاذًا آمنًا بما في طياته من ذكريات الماضي وتطلعات المستقبل؟ ربما، هذا هو الدافع الحقيقي وراء هذا الاندفاع الشجاع، لكن هل الحنين إلى الوطن أقوى من كل المخاطر؟ وهل فعلًا يستحق تضحية بحجم خسارة أرواح غالية؟

والسؤال الأهم هنا: كيف سمحوا لأنفسهم أن يضعوا فلذات أكبادهم وأحباءهم تحت رحمة أرض قد تكون غادرة؟

لقد كان قرار العودة قرارًا شجاعًا، لا شك في ذلك. ولكن الشجاعة وحدها لا تكفي، فالحياة أكثر من مجرد مشاعر. فالحرب قد دمرت البيت والحجر، ولكنها لم تستطع أن تدمر الروح التي تسكن القلوب.

وربما يكون هذا هو الدرس الأهم الذي يمكن أن نتعلمه من هذه القصة: أن الحب للوطن قوة عظيمة قادرة على تجاوز كل الصعاب، ولكن هذا الحب يجب أن يقترن بالحكمة والواقعية. فالحفاظ على الأرواح هو أولوية قصوى، والوطن يبقى صامدًا طالما بقي فيه من يحميه ويعمره.