سوريا واليوم التالي

ديسمبر 18, 2024

A-

A+

بعد أكثر من ثلاثة عشر عامًا من حرب مدمّرة، وصلت سوريا إلى مفترق طرق حاسم. سقوط نظام الأسد وانحسار النفوذ الإيراني في البلاد فتحا الباب أمام مرحلة جديدة، يقودها الآن قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع. التحول الذي شهده الشرع – والذي يُقال إن أطرافًا خارجية مثل وكالة المخابرات المركزية الأميركية لعبت دورًا فيه – يبدو أنه دفعه للابتعاد عن فكرة إقامة خلافة إسلامية. عوضًا عن ذلك، أصبح الشرع يتبنى نهجاً براغماتيًا يركّز على استقرار سوريا وإعادة إعمارها. هذا التغيير قد يكون له أثر كبير على الاقتصاد والمجتمع والحكم في البلاد.

ورغم هذه التطورات، تبقى التحديات الكبرى تهدد رؤية الشرع لسوريا. أبرزها استمرار وجود القواعد العسكرية الأميركية والروسية، وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الشمال الشرقي، مما يهدد بتقسيم البلاد إلى أقسام عرقية وطائفية. إضافةً إلى ذلك، لا يزال تنظيم داعش يشكل تهديدًا مستمرًا، حيث يمكنه استغلال أي فراغ أمني لتنفيذ هجمات. ومن جانب آخر، تستمر إسرائيل في شن ضربات جوية واسعة النطاق على أهداف استراتيجية داخل سوريا، مما يزيد من تعقيد المشهد أمام تحقيق دولة موحدة ومستقرة.

اليوم التالي هو ما يحدِّد مصير سوريا، وليس فقط مشاهد كنس الشوارع وشعارات «بدنا نعمرها»… مع أهمية هذا وذاك بكل تأكيد.

اليوم التالي، والزمن وحده هو ما سيحكم على مصير سوريا والقائمين عليها؛ حيث تواجه سوريا – القيادة الانتقالية الحالية تحديات غير مسبوقة.

ورغم أن المستقبل لا يزال مجهولاً، هناك شيء واحد واضح: لا محلل ولا صحفي ولا سياسي يستطيع التنبؤ بمآلات الأمور. فنتنياهو قال يومًا إنه سيغير وجه الشرق الأوسط، ويبدو أن هذا الوعد يتحقق تدريجيًا. فهل يكون هذا العقد هو الذي نشهد فيه سلامًا بين سوريا ولبنان وإسرائيل؟ ربما، لكن الجواب لن يأتي قريبًا.