أميركا ترسل مبعوثيها “بروفا” إلى لبنان: لماذا هذا الاستخفاف؟
يوليو 25, 2025
A-
A+
رغم حساسية الوضع اللبناني وتعقيد ساحته السياسية والأمنية، تستمر الولايات المتحدة بإرسال مبعوثين إلى بيروت يُنظر إليهم، على نطاق واسع، كأنهم يؤدون أدوارًا تدريبية أكثر مما يمثلون سياسة خارجية متماسكة لدولة عظمى.
الخطأ الأول سُجّل باسم المبعوثة الأميركية السابقة مورغان أورتاغوس، التي ارتدت خلال زيارتها الرسمية إلى بيروت خاتمًا يحمل نجمة داوود، رمز دولة إسرائيل، خلال لقاءاتها مع الرؤساء الثلاثة. هذه اللفتة، وإن كانت شخصية الطابع، عكست تجاهلًا صارخًا للواقع السياسي اللبناني، حيث لا تزال إسرائيل مصنّفة كدولة عدوّة دستوريًا وشعبيًا، وأثارت استياء سياسيًا واسعًا في البلاد.
أما الخطأ الثاني فكان من نصيب المبعوث الحالي توم باراك، الذي عاد إلى بيروت مؤخرًا في زيارة ثالثة، وأثار عاصفة من الجدل بعدما صرّح أنّ لبنان قد يعود إلى “بلاد الشام”، في إشارةٍ إلى سوريا، في خطاب اعتُبر إهانة لهوية لبنان واستقلاله السياسي، ومسًّا بمفهوم السيادة الذي يُعتبر أحد أبرز خطوط التماس السياسية في الداخل اللبناني. لاحقًا، اعتُبرت تصريحاته “هفوة دبلوماسية”، لكن أثرها السياسي بقي حاضرًا.
هذه الأخطاء المتكررة تفتح الباب أمام تساؤلات جدّية: هل تتعامل إدارة ترامب، التي أعادت تنشيط وساطتها في لبنان، باستخفاف مع الشأن اللبناني؟ أم أن إرسال مبعوثين حديثي العهد أو منقوصي الخبرة هو نوع من التدريب الميداني في ساحات مشتعلة قبل تكليفهم بملفات أكثر دقة؟
البعض بات يصف المشهد وكأن واشنطن تستخدم لبنان كبروفة لمبعوثيها، في وقتٍ يفترض أن من يُرسل إلى بيروت يجب أن يكون على دراية عميقة بالخريطة السياسية والطائفية، ومزودًا بخبرة دقيقة في ملفات تفاوضية كوقف إطلاق النار، ترسيم الحدود، وعلاقة لبنان بإسرائيل.
مورغان أورتاغوس نُقلت لاحقًا إلى ملفات أخرى بعيدة عن لبنان، فيما يحاول توم باراك اليوم ترميم خطابه الدبلوماسي عبر زيارات متكررة، ومراسلات مع المسؤولين اللبنانيين، لكن صورة التخبّط في اختيار المبعوثين لا تزال قائمة، وتطرح علامة استفهام حول قدرة واشنطن على إدارة وساطة ذات صدقية في لبنان والمنطقة.