بعد زيارة ليندسي غراهام إلى بيروت: تل أبيب تراقب عن كثب

أغسطس 27, 2025

A-

A+

في زيارة وُصفت بالتاريخية، حطّ السيناتور الأميركي الجمهوري البارز ليندسي غراهام في بيروت يوم الإثنين، برفقة السفير الأميركي لدى تركيا توم بارّاك ونائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، حيث التقى عددًا من المسؤولين اللبنانيين. تأتي هذه الزيارة في ظلّ دفع الحكومة اللبنانية باتجاه تبنّي أهداف المبادرة الأميركية، وعلى رأسها نزع سلاح حزب الله.

وخلال اللقاءات، طرح غراهام فكرة إبرام اتفاق دفاعي بين الولايات المتحدة ولبنان، شرط أن تلتزم الحكومة اللبنانية بتنفيذ الخطوات المطلوبة، وعلى رأسها النزع الكامل لسلاح حزب الله.

ماذا يعني اتفاق دفاعي بين الولايات المتحدة ولبنان؟

من شأن اتفاق دفاعي أن يضع إطارًا رسميًا للتعاون العسكري والأمني بين البلدين. ورغم أن واشنطن تُعدّ المموّل الأكبر للجيش اللبناني وتربطها به علاقات تعاون وثيق، فإن اتفاقًا دفاعيًا سيرتقي بهذه العلاقة إلى مستوى أعلى. وقد يتضمّن هذا الاتفاق التزامات أمنية متبادلة، وزيادة في حجم المساعدات العسكرية والتدريبات، وتسهيلات أوسع في ما يتعلّق بتزويد الجيش اللبناني بأسلحة وتقنيات ومعدات متقدّمة. كما قد يشمل تعهّدًا أميركيًا بالدفاع عن لبنان في مواجهة أي تهديد داخلي أو خارجي.

من هي الدول التي تربطها اتفاقيات دفاعية مع الولايات المتحدة؟

عدد محدود من الدول يرتبط باتفاقيات دفاعية رسمية مع واشنطن، أبرزها الدول الأعضاء في حلف الناتو التي تستفيد من البند الخامس المتعلّق بالدفاع الجماعي. كما ترتبط الولايات المتحدة بمعاهدات دفاعية ثنائية مع كل من اليابان وكوريا الجنوبية، إضافة إلى معاهدة “أنزوس” مع كل من أستراليا ونيوزيلندا.

من اللافت أن إسرائيل، رغم علاقتها الاستراتيجية العميقة مع الولايات المتحدة، لا تربطها بها معاهدة دفاعية مُلزِمة، بل مذكرة تفاهم لا تشمل التزامات قانونية في حال نشوب حرب.

كيف تنظر إسرائيل إلى هذا التطوّر؟

تعتبر تل أبيب زيارة السيناتور غراهام إلى بيروت بمثابة إشارة دبلوماسية مهمة تعكس التقاء المصالح الأميركية – الإسرائيلية، لا سيّما في ما يتعلّق بإضعاف حزب الله، وتعزيز دور الجيش اللبناني، وتمهيد الطريق نحو استقرار أوسع في المنطقة. غير أن فكرة توقيع اتفاق دفاعي بين واشنطن وبيروت قد تثير قلقًا في إسرائيل، خصوصًا أن الجيش اللبناني يخضع اليوم لقيود تمنعه من الحصول على أسلحة أو تقنيات قد تعزّز قدراته القتالية التقليدية.

تشير زيارة ليندسي غراهام إلى بيروت إلى تحوّل لافت في المقاربة الأميركية تجاه لبنان، واحتمال إعادة تموضع استراتيجي في الشرق الأوسط. فاقتراحه بإبرام اتفاق دفاعي مع لبنان يُعدّ خطوة جريئة، لكنه يصطدم بتحديات كبرى، أبرزها تمسّك حزب الله بسلاحه، ونفوذه السياسي والعسكري العميق. كما أن قدرة الحكومة اللبنانية على تنفيذ خطّة نزع السلاح تبقى موضع شك، في ظل الانقسامات الداخلية والمخاوف من انزلاق نحو الفوضى أو الحرب الأهلية.

الأشهر المقبلة ستكون مفصلية لتحديد ما إذا كان لبنان قادرًا على اجتياز هذه العقبات والقيام بما كان يجب أن يُنجز منذ زمن: أن يصبح الجيش اللبناني الضامن الوحيد للأمن في البلاد.