


هل نحن في خضم حرب عالمية أم على وشك اندلاعها؟
سبتمبر 7, 2024
A-
A+
بدأت فكرة الحرب العالمية الثالثة بالتداول في فبراير/شباط 2022 عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن “عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا. إن تعقيدات الصراع الروسي الأوكراني، بالإضافة إلى الدعم الغربي لأوكرانيا وقصور الجيش الروسي، أدى إلى تصعيد الموقف. ما كان يُعتقد في البداية أنه عملية محدودة تطور اليوم، إلى حرب شاملة، وغالبًا ما يُشار إلى هذا الصراع على أنه “الجبهة الأولى”.
في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، انطلقت شرارة “الجبهة الثانية” في الشرق الأوسط عندما شنت حركة حماس هجومًا على طراز “الحرب الخاطفة” أسفر عن مقتل أكثر من 1,200 جندي ومدني إسرائيلي. دفع ذلك إسرائيل إلى غزو واسع النطاق لقطاع غزة، وهو الغزو الذي لا يزال مستمراً حتى اللحظة، مع سقوط مزيد من الضحايا المدنيين. بالإضافة إلى ذلك، دعم حزب الله، وهو جزء من محور المقاومة، حماس من خلال تشتيت انتباه الجيش الإسرائيلي إلى الشمال بعد فترة وجيزة من الهجوم.
اليوم، يصبح من الصعب تجاهل هذه الجبهات على أنها مجرد مصادفات. بدلاً من ذلك، يبدو أنها مرتبطة بتحدٍ أوسع للنظام العالمي الحالي الذي تهيمن عليه القوى الغربية. كلا الجبهتين تظهران علامات على مزيد من التصعيد، مما يثير المخاوف من أن العالم قد يكون بالفعل على شفا صراع أكبر وأكثر انتشاراً.
هل نحن فعلاً على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟
أنا، ومعي بعض المحللين الآخرين، نعتقد أن جبهة ثالثة يمكن أن تشعل صراعًا عالمياً. قد تتشكل هذه الجبهة الثالثة من قبل المنافس الاقتصادي الأكبر للولايات المتحدة: الصين. لقد أوضحت القيادة الصينية أن تايوان تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من الصين. إذا تصاعدت التوترات حول تايوان إلى صراع مفتوح، فقد تكون هذه بالفعل “الجبهة الثالثة”، مما قد يدفع العالم إلى حرب عالمية.
كادت أن تشعل قضية تايوان صراعًا عالميًا كبيرًا، بعدما كانت مصدر قلق لسنوات عديدة. حافظت الصين باستمرار على أن تايوان هي مقاطعة منشقّة يجب أن يتم توحيدها في النهاية مع البر الرئيسي، بالقوة إذا لزم الأمر. هذا الموقف يشكل عنصرًا أساسيًا في سياسة الحزب الشيوعي الصيني وهو مرتبط بشرعيته والخطاب القومي. تعزز الصين من قدراتها العسكرية، بالإضافة إلى سياساتها الحازمة في بحر الصين الجنوبي، مما يبرز استعدادها لتحدي الوضع الراهن في المنطقة.
من ناحية أخرى، اتبعت الولايات المتحدة تاريخيًا سياسة “الغموض الاستراتيجي” عندما يتعلق الأمر بتايوان. على الرغم من عدم الاعتراف رسميًا بتايوان كدولة مستقلة، إلا أن الولايات المتحدة تعهدت بدعم تايوان دفاعياً من خلال مبيعات الأسلحة والوسائل الدبلوماسية. مع تصاعد التوترات في السنوات الأخيرة، خاصة أثناء التدريبات العسكرية الصينية بالقرب من تايوان وتزايد تدخل الولايات المتحدة في المنطقة من خلال التعاون العسكري مع حلفاء مثل اليابان وأستراليا، أصبح خطر المواجهة أكثر وضوحًا.

إذا اندلع صراع مفتوح حول تايوان، فقد تكون العواقب واسعة النطاق. على عكس الصراعات الإقليمية في أوكرانيا والشرق الأوسط، فإن مواجهة في المحيط الهادئ من المرجح أن تشمل اثنين من أكبر الجيوش في العالم – الصين والولايات المتحدة – وقد تجذب العديد من القوى الإقليمية مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، بالإضافة إلى قوى عالمية مثل الاتحاد الأوروبي. وستكون التداعيات الاقتصادية كارثية أيضًا، حيث تعتبر تايوان مركزًا حيويًا للعالم في صناعة الـ« semiconductors»، ويمكن أن تؤدي الاضطرابات في طرق التجارة في بحر الصين الجنوبي إلى زعزعة استقرار الأسواق العالمية.

في سياق التحدي الأوسع للنظام العالمي الذي تقوده القوى الغربية، قد يكون الصراع حول تايوان هو المحفز النهائي الذي يجذب القوى الكبرى في العالم إلى مواجهة مباشرة. مثل هذا السيناريو سيؤدي فعليًا لفتح “الجبهة الثالثة”، مما يجعل الولايات المتحدة وحلفاءها في مواجهة الصين ذات الطموح المتزايد. وعند جمع هذه الجبهة مع الصراعات المستمرة في أوكرانيا والشرق الأوسط، يمكن أن يتصاعد هذا الصراع إلى حرب عالمية شاملة. مما يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي بشكل جذري لعقود قادمة.
ورغم أنه لا يزال غير مؤكد ما إذا كانت هذه الجبهة الثالثة ستتشكل بالفعل، فإن المسار الحالي للعلاقات الدولية – المتمثل في الانفصال الاقتصادي المتزايد، التصعيد العسكري المكثف، وغياب الدبلوماسية الفعالة – يشير إلى أن الخطر في تزايد. إذا لم يتم حل قضية تايوان، فقد لا تحدد فقط مستقبل شرق آسيا، بل قد تكون الشرارة التي تشعل صراعًا أكبر متعدد الجبهات قد يجتاح العالم بأسره.